الخشوع فى الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى فضل الخشوع و فى مدح الخاشعين { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } [المؤمنون:2،1]، وقال: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة:45]، وقال: { خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [آل عمران:199]، وقال: { وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [الأنبياء:90]، وقال: { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } [الإسراء:109].
و يقول صلى الله عليه و سلم : (مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ) .

و أصل الخشوع كما قال ابن رجب هو : "لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء لأنها تابعة له".
فكيف لنا أن نتأتى بهذا الخشوع فى صلاتنا و التى هى من أعظم ما نتقرب به إلى الله تعالى
من أهم الوسائل التى تعين المرء على الخشوع فى صلاته هى
1- الإستعداد لها قبلها فإذا أذن المؤذن فلنردد وراءه ما يقول ثم نصلى على النبى صلى الله عليه و سلم و نسأل له الوسيلة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِى الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِى الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِى إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِى الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ) .
و بعد ذلك لا ننسى الدعاء فعنه صلى الله عليه و سلم انه قال : (الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد ) .
2- ثم الإسراع إلى الوضوء بعد ذلك مستحضرين فضله و كيف أن الذنوب تخرج من كل عضو يغسل عند الوضوء و لا ننسى البدء بالتسمية و يجب علينا ان نتعلم كيفيه وضوءه صلى الله عليه و سلم حتى نتبع سنته فيه فلا نزيد و ننقص عما أمرنا به .
بعد الفراغ من الوضوء لا ننسى أن نردد الشهادتين فعنه صلى الله عليه و سلم َ : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) .
3- الإستعداد بالسواك فبالإضافة إلى فوائده المتعددة و تطيبه لرائحة الفم و تنظيف الأسنان فإنه سنة مؤكدة عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ - وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَلَى أُمَّتِى - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ) .
4- الاستعداد باللباس الحسن النظيف الطيب و استحضار عظمة الله تعالى و كيف أننا سنقدم فى صلاتنا على ملك الملوك جل و علا يقول الله تعالى : (( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )).
5- إحكام ستر العورة حتى لا ينشغل المرء بسترها إذا انكشفت فى صلاته فتلهيه عنها .
6- الصلاة فى مكان مناسب و فى جو مناسب حتى لا تشغله شدة الحرارة عن التدبر فى صلاته و تدفعه لإنهائها سريعا" و كذا الصلاة فى مكان هادئ بعيد عن الضوضاء حتى لا ينصرف ذهنه إلى شئ غير الصلاة .
7- النظر فى حاجة الجسد قبل الصلاة من أكل و شرب و غيره حتى لا ينشغل بها أثناء صلاته فيسرع بإنهاء الصلاة .
8- الابتعاد عن كل ما يلهى أو يشغل عن الصلاة من ضوضاء و غيره
9- تفريغ القلب عن كل ما يشغله من الأمور و المشاكل الحياتية و استحضار الآيات و الأحاديث الواردة فى فضل الخشوع .
10- البدء فى الصلاة بتكبيرة الإحرام و استحضار معنى التكبير فالله أكبر من أهلينا من مشاغلنا و من كل شيء .
11- قول أدعية الاستفتاح و منها :سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك .
12- الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حتى يكون المرء فى حصن منه فلا يحاول أن يلهيه عن صلاته ثم التسمية .
13- قراءة الفاتحة و استحضار مخاطبتنا لله تعالى بها و رده علينا فى كل إيه نقرأها فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِى عَبْدِى وَإِذَا قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَىَّ عَبْدِى . وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . قَالَ مَجَّدَنِى عَبْدِى فَإِذَا قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . قَالَ هَذَا بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ . فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ . قَالَ هَذَا لِعَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ .
14- الركوع بخضوع و ذلة لله تعالى و قول سبحان ربى العظيم مستحضرين معناها من تنزيه لله تعالى عن كل شىء و تعظيمه .
15- السجود أيضا" بخضوع و ذلة حيث يضع المرء جبهته و أنفه و هى مواضع التكريم على الأرض فى ذلة و إنكسار و تواضع لله تعالى و قول سبحان ربى الأعلى أيضا" مع استحضار معناها و تذكر أن المرء أقرب ما يكون من ربه و هو ساجد فلنكثر من الدعاء كما أمرنا صلوات الله و سلامه عليه .
16- قراءة التشهد مع استحضار معانيه و كيف أنك عند تسلم على النبى صلى الله عليه و سلم فإنك يرد عليك و هو فى قبره .
17- التعوذ بالله من عذاب القبر و عذاب جهنم و من فتنه المحيا و الممات و فتنة المسيح الدجال بعد الفراغ من التشهد ثم التسليم و لا ننسى بعد ذلك الأدعية و الأذكار الواردة بعد الصلاة .
18- و قبل كل ذلك لا ننسى أن ندعو الله أن يرزقنا الخشوع فى الصلاة فالدعاء هو سلاح المؤمن و هو عبادة لله تعالى .
اللهم ارزقنا الخشوع فى صلاتنا و فى عبادتنا و فى جميع أعمالنا و اجعلها خالصة لك وحدك .